توت توت توت
ها هو قطار الفراق يعلن استقراره في
...محطة حكايتنا
وها انت تحمل حقائب الاحلام والايام
وتتجه نحو الغياب
وها انا ذا استعد للوقوف بظهر مكسور
وهامة مجروحة
للألوح لك بشموخ هاديء وهدوء شامخ
وكأن الامر لا يعنيني
وكأن الالم ليس المي
وكأن الجرح ليس جرحي
وكأن الهزيمة ليست هزيمتي
وكأن الحكاية الميتة لم تكن يوما حكايتي
(2)
عفوا..
الفقرة السابقة هي مقطع من مقال بعنوان
"محطة حب"
بدأت بها هذا المقال فقط لأتسائل
هل بالفعل تموت الحكايا؟
وحين تموت الحكايا...أين يذهب الابطال؟
وأين تذهب الاحاسيس؟
وماذا يكون مصير الاحلام؟
والى اين يلجأ اطفال الحكايا؟
فلمعظم حكايات الحب أطفال
أطفال نعجنهم بماء الخيال
ونرسمهم على صفحة قلوبنا
نمنحهم ملامحنا
وننتقي لهم اسماء مشتقة من احلامنا
ونحبهم جدا
وننتظرهم بفارغ العشق والامل
(3)
ننتظرهم..نعم
لكن انتظارنا لهم يطول ويطول ويطول
فعلى الرغم من احساسنا بهم
وعلى الرغم من حبنا الصادق لهم
وعلى الرغم من شعورنا بحركاتهم
في احشاء الحلم
الا اننا لا نلدهم ابدا
ربما لأننا حملنا بهم خارج رحم الواقع
(4)
ولهذا
نخزنهم في الدفاتر بعيدا عن فضول الواقع
نسجلهم في ذاكرتنا كأي حدث من
احداث الحكاية
كبر الصغار بها
واذا ماتت الحكاية وًئد بها الصغار
واسالوا نساء الارض العاشقات
عن اطفالهن النائمين في دفاتر الخيال
او افتحوا دفاتر الحكايات الفاشلة
واحصوا عدد الاطفال فيها
(5)
وسؤال آخر
لماذا حين تنتهي الحكاية
ونهمل كل اوراقها وطقوسها وذكرياتها
لا نفكر سوى في كيفية احتمال الالم الناتج
عنها ..ونعلن الحداد
فلا نرى من الحياة سوى سوادها
ولا نتذكر من الحكاية سوى ركنها المظلم
ونهيء انفسنا للحزن والالم والندم والبكاء
على الرغم من ان مرحلة ما بعد الفراق
قد تكون مرحلة اخرى اجمل واصدق
اذا نحن اردنا ذلك
(6)
ماذا يأتي بعد الفراق؟
اشياء كثيرة تأتي بعد الفراق
يهاجمنا الفراغ كسماء بلا نهاية
يحاصرنا الحنين كوحش مفترس
تنغرس فينا البقايا كأسنة السيوف
تمزقنا الذكريات كأنياب حيوان جائع
ونرفض المكان ونهرب من الزمان
ونطرق كل ابواب النسيان
(7)
ونفشل
نعم نفشل
فتجربة النسيان لا تقل صعوبة عن تجارب
الاختراعات العلمية
ولأن الاحساس الذي كان في داخلنا صادقا
ولأن الاحلام التي عاشت فينا كانت رائعة
ولأن امانينا التي غرسناها في ارض
الحكاية كانت نقية
ولأن الحكاية كانت وسيلة من وسائل
اتصالنا بالوجود
ولأننا كنا الطرف الاكثر شفافية في الحكاية
فإننا نفشل..وبجدارة
(
لكن لو اعتبرنا الحكاية
مجرد مرحلة من مراحل العمر
وليست العمر كله
لوجدنا امامنا متسعا من الوقت
للوقوف من جديد
والزحف نحو مرحلة جديدة من مراحل العمر
لأن العمر هو المراحل
والحكاية مجرد مرحلة من هذه المراحل
فإذا ما انتهت تلتها مرحلة اخرى
نحن فقط القادرون على جعلها
أحلى او أمرُ
(9)
فإذا كنت من اولئك الذين يتألمون
وتجد صعوبة في الخروج من سياج
حكاية فاشلة
فأحضر ورقة وقلما
واكتب احاسيسك المؤلمة عليها
وقم بترقيمها
ولا تحزن حتى لو جاوز عددها الالف
وعاهد نفسك على ان تتخلص منها
بالترتيب
وحاول محاولات جادة وصادقة
واشطب كل احساس تتمكن من التخلص منه
وحين تصل الى الرقم الاخير
ستجد انك قد تخلصت من كل احاسيسك
المزعجة
وان الحكاية كانت اصغر من حجم
احساسك بها
وقبل ان يرعبنا المساء
بعض الحكايات تبدأ بكلمة..وتنتهي بصمت
وبعضها يبدأ بتجربة..وينتهي بأنفجار
وعضها الآخر يبدأ بلعبة..وينتهي بمأساة
وبعد ان ارعبنا المساء
من بين كل الحكايات
هناك حكاية واحدة فقط
هي حكاية العمر كله
انها تلك الحكاية
التي تمسح كل الحكايات
وتبقى هي فقط
بطقوسها وشخوصها
وهي حكاية لا تموت فيك أبدا
...............................